responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 135
[سُورَة النِّسَاء (4) : الْآيَات 80 إِلَى 81]
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81)
هَذَا كَالتَّكْمِلَةِ لِقَوْلِهِ: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا [النِّسَاء: 79] بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ رَدِّ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الرَّسُولَ مَصْدَرُ السَّيِّئَاتِ الَّتِي تُصِيبُهُمْ، ثُمَّ مِنْ قَوْلِهِ: مَا أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النِّسَاء: 79] إِلَخْ، الْمُؤْذِنُ بِأَنَّ بَيْنَ الْخَالِقِ وَبَيْنَ الْمَخْلُوقِ فَرْقًا فِي التَّأْثِيرِ وَأَنَّ الرِّسَالَةَ مَعْنًى آخَرَ فَاحْتَرَسَ بِقَوْلِهِ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ عَنْ تَوَهُّمِ السَّامِعِينَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي أُمُورِ التَّشْرِيعِ، فَأَثْبَتَ أَنَّ الرَّسُولَ فِي تَبْلِيغِهِ إِنَّمَا يُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ، فَأَمْرُهُ أَمْرُ اللَّهِ، وَنَهْيُهُ نَهْيُ اللَّهِ، وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ اللَّهِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهُ: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى إِثْبَاتِ كَوْنِهِ رَسُولًا وَاسْتِلْزَامِهَا أَنَّهُ يَأْمُرُ وَيَنْهَى، وَأَنَّ ذَلِكَ تَبْلِيغٌ لِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ فِي غَفْلَةٍ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَهُ اخْتِلَافَ مَقَامَاتِ الرَّسُولِ، وَمَنْ تَوَلَّى أَوْ أَعْرَضَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى الْمُكَابَرَةِ فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً، أَيْ حارسا لَهُم ومسؤولا عَنْ إِعْرَاضِهِمْ، وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِهِمْ وَتَهْدِيدٌ لَهُمْ بِأَنْ صَرَفَهُ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِهِمْ، فَيُعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ سَيَتَوَلَّى عِقَابَهُمْ.
وَالتَّوَلِّي حَقِيقَتُهُ الِانْصِرَافُ وَالْإِدْبَارُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها [الْبَقَرَة: 205] وَفِي قَوْلِهِ: مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [142] . وَاسْتُعْمِلَ هُنَا مَجَازًا فِي الْعِصْيَانِ وَعَدَمِ الْإِصْغَاءِ إِلَى الدَّعْوَةِ.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُمْ لِضَعْفِ نُفُوسِهِمْ لَا يُعْرِضُونَ جَهْرًا بَلْ يُظْهِرُونَ الطَّاعَةَ، فَإِذَا أَمَرَهُمُ الرَّسُولُ أَوْ نَهَاهُمْ يَقُولُونَ لَهُ طاعَةٌ أَيْ: أَمْرُنَا طَاعَةٌ، وَهِيَ كَلِمَةٌ يَدُلُّونَ بِهَا عَلَى الِامْتِثَالِ، وَرُبَّمَا يُقَالُ: سَمْعٌ وَطَاعَةٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 5  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست